فصل: (باب الغين والباء وما يثلثهما)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


كتاب الغين

‏(‏باب الغين وما معها في المضاعف والمطابق‏)‏

‏(‏غف‏)‏

الغين والفاء كلمةٌ واحدةٌ لا تتفرّع، وهي البُلْغة، ويقال له غُفَّة من العَيش‏.‏ قال‏:‏

* وغُفّةٌ من قِوَام العَيش تَكفِينِي *

واغتفَّتِ الخيلُ غُفَّة من الرَّبيع، إذا أصابت منه شِبَعاً ولم تستكثِرْ‏.‏ قال‏:‏

وكنَّا إذا ما اغتفَّت الخيلُ غُفَّةً *** تجرَّد طَلاَّبُ التِّراتِ مُطَلَّبُ

‏(‏غق‏)‏

الغين والقاف ليس بشيء، إنَّما يحكى به الصَّوْتُ يَغْلي، يقال غَقَّ‏.‏

‏(‏غل‏)‏

الغين واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تخلل شيءٍ، وثباتِ شيء، كالشيء يُغْرَزُ‏.‏ من ذلك قول العرب‏:‏ غَلَلْتُ الشَّيء في الشّيء، إذا أثبتَّه فيه، كأنه غَرزْتَه‏.‏ قال‏:‏

وعينٌ لها حَدْرةٌ بَدْرَةٌ *** إلى حاجبٍ غُلّ فيه الشُّفُر

والغُلّة والغَليل‏:‏ العَطَش‏.‏ وقيل ذلك لأنَّه كالشَّيء ينْغلُّ في الجَوف بحرارة‏.‏ يقال بَعيرٌ غَلاَّنُ، أي ظَمْآن‏.‏ والغَلَل‏:‏ الماء الجاري بين الشَّجر‏.‏

ومنه الغُلول في الغُنم، وهو أن يخفَى الشَّيء فلا يردَّ إلى القَسْم، كأنَّ صاحبَه قد غَلّه بين ثيابِه‏.‏

ومن الباب الغِلُّ، وهو الضِّغْن ينْغَلُّ في الصَّدر‏.‏

فأمَّا قول النبي عليه السلام ‏"‏لا إغْلالَ ولا إسلال‏"‏ فالإغلال‏:‏ الخيانة، والقياس فيه واضحٌ‏.‏ قال النَّمِر‏:‏

جزى الله عنا جمرة ابنةَ نوفلٍ *** جزاءَ مُغِلٍّ بالأمانة كاذبِ

وأمّا الحديث‏:‏ ‏"‏ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهنَّ قلبُ مُؤْمن‏"‏ فمَنْ قال ‏"‏لا يُغِلّ‏"‏ فهو من الإغلال، وهو الخيانة‏.‏ ومن قال ‏"‏لا يَغِلّ‏"‏ فهو من الغِلّ والضِّغن‏.‏

ومن الباب الغُلاَّنُ‏:‏ الأوديةُ الغامضة، واحدها غَالٌّ، وذلك أنَّ سالكَها يَنْغَلُّ فيها‏.‏ والغِلالَة‏:‏ شِعارٌ يُلبَس تحت الثُّوب، وبطانةٌ تُلبَس تحت الدِّرع‏.‏

ومن الباب الغُلّة، وهو الفِدامُ يكونُ على رأس الإبريق، والجمع غُلَل‏.‏ قال لَبيد‏:‏

لها غُلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ *** بأيمانِ عُجْمٍ يَنْصُفُون المَقاولا

والغَلغلة‏:‏ سُرعة السَّير‏.‏ ورسالةٌ مُغَلغَلة‏:‏ محمولةٌ من بلدٍ إلى بلد‏.‏ وهو القياس، لأنّها تتخلّل البلاد وتنغلُّ فيها‏.‏ قال‏:‏

أبلِغْ أبا مالكٍ عنِّي مُغَلْغَلَةً *** وفي العتابِ حياة بين أقوامِ

ومن الباب الغَليل‏:‏ النَّوَى يُغَلّ في القَتّ يُخلَطُ به، تُعلَفُه الإبل‏.‏ قال‏:‏

سُلاّءةٌ كعصا النَّهدِيِّ غُلَّ لها *** ‏[‏ذو فيئةٍ‏]‏ من نَوَى قُرَّانَ معجومُ

‏(‏غم‏)‏

الغين والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تغطية وإطباق‏.‏ تقول‏:‏ غَمَمت الشَّيءَ أغُمُّه، أي غطَّيته‏.‏ والغَمَمُ‏:‏ أن يُغطِّي الشَّعر القفا والجبهَة في بنائِه‏.‏ يقال‏:‏ رجلٌ أغمُّ وجبهةٌ غماء‏.‏ قال‏:‏

فلا تَنكحِي إنْ فرَّقَ الدّهرُ بيننا *** أغمَّ القفا والوجهِ ليس بأنْزعا

ومن الباب‏:‏ الغمام‏:‏ جمع غَمامةٍ‏.‏ وقياسُه واضح‏.‏ ومنه الغِمامةُ، وهي الخِرقة تُشَدُّ على أنف الناقة شدّاً كي لا تجدَ الرِّيح‏.‏ قال قومٌ‏:‏ كلُّ ما سدَّ الأنف فهو غِمامة‏.‏ وغُمَّ الهلالُ، إذا لم يُرَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له‏"‏‏.‏ أي غُطيَ الهلال‏.‏ ويقال‏:‏ يومٌ غَمٌّ وليلة غمّة، إذا كانا مظلِمَين‏.‏ وغمَّهُ الأمرُ يغَمُّه غمَّاً، وهو شيء يَغْشى القلب، معروف‏.‏ وأما الغَمغمة فهي أصواتُ الثِّيران عند الذُّعر، والأبطالِ *عند الوغى‏.‏ وقد قلنا إنّ هذه الحكاياتِ لا تكاد يكون لها قياس‏.‏

‏(‏غن‏)‏

الغين والنون أُصيلٌ صحيح، وهو يدلُّ على صوتٍ كأنه غير مفهوم، إمَّا لاختلاطِه، وإما لعلّةٍ تصاحبه‏.‏ من ذلك قولُهم‏:‏ قريةٌ غَنّاء، يراد بذلك تجمُّع أصواتهم واختلاطُ جَلبتهم‏.‏ ووادٍ أغَنُّ‏:‏ ملتَفُّ النَّبات، فتَرى الرِّيح تجري فيه ولها غُنَّة؛ ويكون ذلك من كَثرة ذُبابه‏.‏ ومنه الغُنَّة في الرَّجُل الأغنِّ، وهو خروجُ كلامِهِ كأنّه بأنفه‏.‏

‏(‏غي‏)‏

الغين والياء المشدّدة أو المضاعفة أصلٌ صحيح يدلُّ على إظلالِ الشَّيء لغيره‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏تجيء البقرةُ وآلُ عمران يومَ القيامة كأنَّهما غمامتانِ –أو غيايَتان‏"‏‏.‏ والجمع غَيايات‏.‏ قال لبيد‏:‏

فتَدلَّيتُ عليه قافلاً *** وعلى الأرض غياياتُ الطَّفَلْ

‏(‏غب‏)‏

الغين والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على زمانٍ وفَترةٍ فيه‏.‏ من ذلك الغِبُّ، هو أن تَرِدَ الإِبلُ يوماً وتدعَ يوماً‏.‏ والمغبَّبة‏:‏ الشاة تُحلَب يوماً وتُتركُ يوماً‏.‏ وأغبَبْتُ الزِّيارة من الغِبِّ أيضاً‏.‏ ومنه أيضاً قولُهم‏:‏ غبَّبَ في الأمر إذا لم يُبالِغْ فيه، كأنَّه زِيدَتْ فترة أوقعَهَا فيه‏.‏

ومن الباب قولهم‏:‏ ‏"‏رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغُبّ‏"‏، وذلك أن يُتركَ إنشادُه حتَّى يأتيَ عليه وقت‏.‏ ويقولون‏:‏ غَبَّ الأمرُ، إذا بلغ آخِرَه‏.‏ ولحمٌ غابٌّ، إذا لم يُؤكَلْ لوَقْتِه، بل تُرِك وقتاً وفَتْرةً‏.‏

‏(‏غت‏)‏

الغين والتاء ليس بشيء، إنّما هو إبدال تاء من طاء‏.‏ تقول‏:‏ غَطَطْتُه وغَتَتُّه‏.‏ ومنه شَيءٌ يجرِي مَجرى الحِكاية‏.‏ يقال غَتَّ في الضَّحِك، إذا ضَحِك في خفاءٍ‏.‏ وغَتَّ‏:‏ أَتْبَعَ القولَ القولَ، أو الشُّربَ الشُّرب‏.‏

‏(‏غث‏)‏

الغين والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَسادٍ في الشَّيء‏.‏ من ذلك قولُهم‏:‏ لبِسْتُ فلاناً على غَثيثةٍ فيه، أي فَسادِ عقلٍ ورأي‏.‏ والغَثيثة‏:‏ المِدَّة في الجُرح‏.‏ ومن ذلك اللَّحم الغَثُّ‏:‏ ليس بالسّمين‏.‏ ويقولون‏:‏ أغَثَّ الحَدِيثُ، أي صار غثَّاً فاسداً‏.‏ قال‏:‏

خَوْد يُغِثُّ الحديثُ ما صَمَتَتْ *** وهو بفيها ذو لَذةٍ طَرِفُ

ويقال‏:‏ فلانٌ لا يَغِثُّ عليه شيء، أي لا يمتنع من شيء، حتَّى الغثُّ عندَه سمين‏.‏

وأمّا الغَثغَثَة فتجري مَجرى الحكاية، يقال‏:‏ غَثْغَثْتُ الثُّوبَ، إذا غسلتَه وردَّدْتَه في يديك‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ الغَثْغَثَة‏:‏ القِتالُ الضَّعيف بلا سلاح، شُبِّه بغَثْغثة الثَّوب حين يُغْسَل‏.‏

‏(‏غد‏)‏

الغين والدال كلمةٌ، وهي الغُدَّة في اللّحم، معروفة‏.‏

قال الرّاجز‏:‏

* فهَبْ له حليلةً مِغدَادَا *

قالوا‏:‏ هي الدَّائمة الغَضَب، كأنَّ في حَلْقها غدّة‏.‏

‏(‏غذ‏)‏

الغين والذال كلمةٌ، وهي إغذاذ السَّير‏.‏ وذلك ألا يكونَ فيه ونْيَةٌ ولا فَتْرَة‏.‏ ومنه‏:‏ غَذَّ الجُرْحُ وأغذَّ، إذا بَرَأَ ولم يسكُنْ نَداه، فهو يَنْدَى أبداً‏.‏

‏(‏غر‏)‏

الغين والراء أصولٌ ثلاثةٌ صحيحة‏:‏ الأوّل المِثال، والثاني النقصان، والثالث العِتْق والبيَاضُ والكرَم‏.‏

فالأوّل‏:‏ الغِرار‏:‏ المِثال الذي يُطبَع عليه السِّهام‏.‏ ويقال‏:‏ وَلَدَتْ فلانة أولادَها على غرار واحد، أي جاءت بهم واحداً بعد واحدٍ على مِثال واحد‏.‏ وأصل

هذا الغُرُّ، وهو الكَسْرُ في الثَّوب‏.‏ يقال‏:‏ اطوِ الثَّوْبَ على غَرِّهِ، أي كَسرهِ ومِثالِه الأوَّل‏.‏ والغُرَّة‏:‏ سُنَّة الإنسان، وهي وجهه، ثم يعبَّر عن الجسم كلِّه به‏.‏ من ذلك‏:‏ ‏"‏في الجنين غُرَّةٌ‏:‏ عبد أو أمةٌ‏"‏، أي عليه في دِيتَه نَسَمَةٌ‏:‏ عبدٌ أو أمة‏.‏ قال‏:‏

كلُّ قتيلٍ في كُليبٍ غرَّهْ *** حتَّى يَنال القتلَُ آلُِ مُرَّهْ

ومن الباب‏:‏ الغَرِير، وهو الضَّمين، يقال‏:‏ أنا غريرُك من فلانٍ، أي كفيلُك‏.‏ وإنما سمِّيَ غريراً لأنّه مِثَالُ المضمونِ عنه، يؤخذ بالمال مثلَ ما يؤخذ المضمون عنه‏.‏ ومحتملٌ أن يكون غِرَارُ السَّيف، وهو حدُّه، من هذا‏.‏ وكلُّ شيء له حَدٌّ فَحَدُّه غِرَارٌ؛ لأنه شيء إليه انتهى طَبْعُ السَّيف ومثالُه‏.‏

وأمَّا النقصان *فيقال‏:‏ غارّت النّاقةُ تُغارُّ غِراراً، إذا نَقَصَ لبنُها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏لا غِرارَ في صلاةٍ ولا تسليم‏"‏‏.‏ فالغِرار في الصَّلاة‏:‏ ألاَّ يتمَّ ركوعَها أو سجودَها‏.‏ والغِرار في السَّلام‏:‏ أن يقول السَّلام عليك، أو يرُدَّ فيقول‏:‏ وعليك‏.‏ ومنه الغِرار، وهو النَّوم القَليل‏.‏ قال الشاعر‏:‏

إنَّ الرَّزِيَّةَ من ثقيفٍ هالكٌ *** تَركَ العُيونَ فنومُهُنَّ غِرَارُ

وقال جرير‏:‏

ما بالُ نومِك في الفِراش غِرارا *** لو كان قلبُك يستطيع لطارا

ومن الباب‏:‏ بيع الغَرَر، وهو الخَطَر الذي لا يُدْرَى أيكون أم لا، كبيع العبدِ الآبِق، والطّائرِ في الهواء‏.‏ فهذا ناقصٌ لا يتمُّ البيع فيه أبداً‏.‏ وغَرَّ الطائرُ فرخَه، إذا زَقَّه، وذلك لقلّته ونُقصانِ ما معه‏.‏

والأصل الثالث‏:‏ الغُرَّة‏.‏ وغرَّة كلِّ شيءٍ‏:‏ أكرمُه‏.‏ والغُرّة‏:‏ البياض‏.‏ وكل أبيضَ أغرُّ‏.‏ ويقال لثلاثِ ليالٍ من أوّل الشهر غُرّة‏.‏

ومن الباب‏:‏ الغَرِير، وهو الخُلُق الحَسَن‏.‏ يقولون للشيخ‏:‏ أدبَرَ غَريرهُ وأقبَلَ هريرُه‏.‏

ومما يقارب هذا‏:‏ الغَرارة، وهي كالغَفْلة، وذلك أنَّها من كَرَم الخلُق، قد تكون في كلِّ كريم‏.‏ فأمَّا المذموم من ذلك فهو من الأصل الذي قَبلَ هذا؛ لأنّه من نقصان الفِطْنة‏.‏

ومما شذَّ عن هذه الأصول إن صحَّ، شيء ذكره الشَّيبانيُّ‏:‏ أنّ الغِرْغِر‏:‏ دَجاج الحَبَش، واحدتها غِرْغرة‏.‏ وأنشد‏:‏

ألُفُّهمُ بالسَّيف من كلِّ جانبٍ *** كما لفّتِ العِقبانُ حِجْلَى وغِرْغِرا

‏(‏غز‏)‏

الغين والزاء ليس فيها شيء‏.‏ وغَزَّةُ‏:‏ بلدٌ‏.‏

‏(‏غس‏)‏

الغين والسين ليس فيه إلاّ قولُهم‏:‏ رجل غُسٌّ، إذا كان ضعيفاً‏.‏ ومنه قول أوس‏:‏

مُخَلَّفُونَ ويَقضِي الناسُ أمرَهُم *** غُسُّو الأمانةِ صُنْبُورٌ فصنبورُ

‏(‏غش‏)‏

الغين والشين أصولٌ تدلُّ على ضّعفٍ في الشيء واستعجال فيه‏.‏ من ذلك الغِشُّ‏.‏ ويقولون‏:‏ ‏[‏الغِشُّ‏:‏ أ‏]‏ لاّ تمحَضَ النصيحة‏.‏ وشُربٌ غِشاشٌ‏:‏ قليل‏.‏ وما نامَ إلاّ غِشاشاً، أي قليلاً، ولقيتُه غِشاشاً، وذلك عند مُغَيْربان الشَّمس‏.‏

‏(‏غص‏)‏

الغين والصاد ليس فيه إلاَّ الغَصَص بالطَّعام، ويقال رجلٌ غَصَّانُ‏.‏ قال‏:‏

لو بِغَيْرِ الماءِ حلقي شَرِقٌ *** كنت كالغَصَّانِ بالماء اعتصارِي

‏(‏غض‏)‏

الغين والضاد أصلانِ صحيحانِ، يدلُّ أحدُهما على كفٍّ ونَقْص، والآخر على طراوة‏.‏

فالأوّل الغَضّ‏:‏ غضُّ البصر‏.‏ وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْته‏.‏ ومنه قولهم‏:‏ تلحقُه في ذلك غَضَاضةٌ، أي أمر يَغُضُّ لـه بصرَه‏.‏ والغَضْغَضة‏:‏ النُّقْصان‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏لقد مرَّ من الدُّنيا بِبطنته لم يُغَضْغَض ‏"‏‏.‏ ويقولون‏:‏ هو بحرٌ لا يُغَضْغَض‏.‏ وغَضْغَضْت السِّقَاءَ‏:‏ نقصتُه‏.‏ وكذلك الحقّ‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ الغَضُّ‏:‏ الطريُّ من كلِّ شيء‏.‏ ويقال للطَّلْع حين يطلُعُ‏:‏ غَضيض‏.‏

‏(‏غط‏)‏

الغين والطاء أُصيلٌ صحيح فيه معنيان‏:‏ أحدُهما صوتٌ، والآخر وقتٌ من الأوقات‏.‏

فالأوّل‏:‏ غطِيط الإنسانِ في نَومه‏.‏ ومنه الغَطاط، وهي القَطا، سمِّيت لصوتها غَطاطاً‏.‏ قال‏:‏

فأثار فارِطُهم غَطَاطاً جُثَّماً *** أصواتُه كتَرَاطُنِ الفُرْسِ

والأصل الآخر الغُطَاط، قال قومٌ‏:‏ هو الصُّبح‏.‏ وأنشدوا‏:‏

* قام إلى حمراءَ في الغطَاطِ *

وقال آخرون‏:‏ هو سَدَف الظلام‏.‏ وقالوا في بيتِ ابن أحمر‏:‏

* أُولَى الوَعَاوِعِ كالغُطاط المقْبلِ *

من فَتَحَ شبَّههم بالقَطَا، ومن ضمَّ فإنّه شبَّههم بسواد السّدَف كثرة‏.‏ وأمَّا غَطَطْتُه في الماء فممكنٌ أن يكون ذلك الصَّوْت الذي يكون من الماء عندها، وممكنٌ أن يكون من سَدَف الظّلام، كأنّه سترتَه بالماء وغطّيته‏.‏

‏(‏باب الغين والفاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غفق‏)‏

الغين والفاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خِفّة وسُرعةٍ وتكريرٍ في الشيء، مع فَتَراتٍ تكون بين ذلك‏.‏

من ذلك قولهم‏:‏ غَفَقَ إبلَه، وذلك إذا أسرَعَ إيرادَها ثم كرَّرَ ذلك‏.‏ ويقولون‏:‏ ظلَّ يتَغَفَّقُ الشَّرَابَ، إذا جعَلَ يشربُه ساعةً بعدَ ساعةٍ‏.‏ ويقال‏:‏ غَفَقَ غَفْقَةً من اللَّيل، إذا نامَ نومةً خفيفة‏.‏ والغَفْق‏:‏ المطر ‏[‏ليس بـ‏]‏ الشَّديد‏.‏ ويقال غَفَقَه بالسَّوط غَفَقَاتٍ‏.‏ والغَفْق‏:‏ الهُجوم على الشَّيء من غير قصدٍ، ويقال للآيب من غَيْبته فُجاءةً‏.‏ وغَفَقَ الحِمارُ الأتانَ‏:‏ أتاها مَرّةً بعد مرَّة‏.‏

‏(‏غفر‏)‏

الغين والفاء والراء عُظْمُ بابِه السَّتْر، ثم يشِذُّ عنه ما يُذكر‏.‏ فالغَفْر‏:‏ السَّتر‏.‏ والغُفْران والغَفْرُ بمعنَىً‏.‏ يقال‏:‏ غَفَر الله ذنبه غَفْراً ومَغفِرةً وغُفراناً‏.‏ قال في الغَفْر‏:‏

في ظلِّ مَن عَنَتِ الوُجوهُ لـه *** مَلِكِ المُلوكِ ومالِكِ الغَفْرِ

ويقال‏:‏ غَفِرَ الثَّوبُ، إذا ثارَ زِئبِرهُ‏.‏ وهو من الباب، لأنَّ الزِّئبِر يُغطِّي وجهَ الثَّوب‏.‏ والمِغْفَر معروف‏.‏ والغِفارة‏:‏ خِرقةٌ يَضَعها المُدَّهِنُ على هامَته‏.‏ ويقال الغَفِير‏:‏ الشَّعر السَّائل في القفا‏.‏ وذُكر عن امرأةٍ من العرب أنَّها قالت لابنتها‏:‏ ‏"‏اغفِرِي غفيرَك‏"‏، تريد‏:‏ غَطِّيه‏.‏ والغَفِيرة‏:‏ الغُفرانُ أيضاً‏.‏ قال‏:‏

* يا قوم ليسَتْ فيهمُ غَفِيرَهْ *

ومما شَذَّ عن هذا‏:‏ الغَُفْر‏:‏ ولد الأُرويّة، وأمُّه مُغْفِرٌ‏.‏ والغَفْر‏:‏ النُّكْس في المَرَض‏.‏ قال‏:‏

خليلَيَّ إنّ الدّارَ غَفْرٌ لذِي الهوى *** كما يَغْفِرُ المحمومُ أو صاحبُ الكَلْمِ

فأمَّا المَغْفُور فشيءٌ يشبَّه بالصَّمغ يَخرُج من العُرْفُط‏.‏

‏(‏غفل‏)‏

الغين والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تَرك الشّيء سهواً، وربَّما كان عن عمدٍ‏.‏ من ذلك‏:‏ غَفَلتُ عن الشيء غَفلةً وغُفولاً، وذلك إذا تركتَه ساهياً‏.‏ وأغفلْتُه، إذا تركْتَه على ذُكْرٍ منك له‏.‏ ويقولون لكلِّ ما لا مَعْلَم له‏:‏ غُفْلٌ، كأنَّه غُفِل عنه‏.‏ فيقولون‏:‏ أرضٌ غُفْلٌ‏:‏ لا عَلَم بها‏.‏ وناقَة غُفْلٌ‏:‏ لا سِمَةَ عليها‏.‏ ورجلٌ غُفْل‏:‏ لم يجرِّب الأمور‏.‏

‏(‏غفو/ي‏)‏

الغين والفاء والحرف المعتل أُصَيل كأنَّه يدلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الأوّلُ من التَّرْك للشَّيء، إلاّ أنّ هذا يختصُّ بأنَّه جِنسٌ من النَّوم‏.‏ من ذلك‏:‏ أغفَى الرّجلُ من النَّوم يُغْفِي إغفاءً‏.‏ والإغفاءةُ‏:‏ المرّة الواحدة‏.‏ قال‏:‏

فلو كنتَ ماءً كنتَ ماءَ غمامةٍ *** ولو كنت نوماً كنت إغفاءةَ الفجرِ

من ذلك الغَفْو، وهي الزُّبْيَة، وذلك أنَّ السَّاقط فيها كأنَّه غَفَل وأغَفَى حتَّى سقط‏.‏

وممّا شذَّ عن هذا‏:‏ الغَفَى، وهو الرُّذال من الشَّيء‏.‏ يقال‏:‏ أغفَى الطّعامُ‏:‏ كثُر غَفاه، أي الرديُّ منه‏.‏

‏(‏غفص‏)‏

الغين والفاء والصاد كلمةٌ واحدة‏.‏ غافَصْتُ الرّجلَ‏:‏ أخذْتُه على غِرّةٍ‏.‏ والله أعلم بالصَّواب‏.‏

‏(‏باب الغين واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غلم‏)‏

الغين واللام والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَداثةٍ وهَيْجِ شهوة‏.‏ من ذلك الغُلام، هو الطارُّ الشَّاربِ‏.‏ وهو بيِّنُ الغُلومِيّة والغُلُومة، والجمع غِلْمةٌ وغِلْمان‏.‏ ومن بابه‏:‏ اغتَلَم الفَحلُ غُلمةً‏:‏ هاج من شَهوة الضِّراب‏.‏ والغيْلَم‏:‏ الجارية الحَدَثة‏.‏ والغَيْلَم‏:‏ الشابُّ‏.‏ والغَيْلَم‏:‏ ذكر السَّلاحِف‏.‏ وليس بعيداً أن يكون قياسُه قياسَ الباب‏.‏

‏(‏غلو/ي‏)‏

الغين واللام والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ في الأمر يدلُّ على ارتفاع ومجاوَزةِ قَدْر‏.‏ يقال‏:‏ غَلاَ السِّعر يغلو غَلاءً، وذلك ارتفاعُه‏.‏ وغَلاَ الرَّجلُ في الأمر غُلُوّاً، إذا جاوَزَ حدَّه‏.‏ وغَلاَ بسَهْمِه غَلْوَاً، إذا رَمَى به سَهْماً أقصى غايتِه‏.‏ قال‏:‏

* كالسَّهمِ أرسلَهُ من كفِّهِ الغالي *

وتَغالَى الرَّجُلان‏:‏ تفاعَلاَ من ذلك‏.‏ وكلُّ مَرْماةٍ عند ذلك غَلْوَة‏.‏ وغَلَت الدّابّةُ في سَيرها غَلْوَاً، واغتلت اغتلاء، وغالت *غِلاء‏.‏ وفي أمثالهم‏:‏ ‏"‏جَرْيُ المذَكِّياتِ غِلاءٌ ‏"‏‏.‏ وتَغالَى النَّبتُ‏:‏ ارتفَعَ وطال‏.‏ وتَغالَى لحمُ الدابَّةِ، إذا انحسر عنه وَبَره‏.‏ وذلك لا يكون إلاَّ عن قوّةٍ وسِمَن وعُلُوٍّ‏.‏ وغَلَتِ القِدْرُ تَغْلِي غَلَياناً‏.‏ والغُلَوَاء‏:‏ أن يمُرَّ على وجهِه جامحاً‏.‏ قال‏:‏

لم تلتفت لِلِداتِها *** ومضَتْ على غُلَوائِها

وأمَّا الغالية من الطِّيب فممكنٌ أن يكون من هذا، أي هي غاليةُ القيمة‏.‏ يقولون‏:‏ تغلَّلْت وتغلَّيت من الغالية‏.‏

‏(‏غلب‏)‏

الغين واللام والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على قوّةٍ وقَهرٍ وشدَّة‏.‏ من ذلك‏:‏ غَلَب الرّجلُ غَلْبَاً وغَلَباً وغَلَبة‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِم سَيَغْلِبُون‏}‏ ‏[‏الروم 3‏]‏‏.‏ والغِلاَب‏:‏ المغالَبة‏.‏ والأغلَبُ‏:‏ الغَليظ الرّقَبة‏.‏ يقال‏:‏ غَلِبَ يَغْلَبُ غَلَباً‏.‏ وهضْبةٌ غَلباء، وعِزَّةٌ غلباء‏.‏ وكانت تغلِبُ تسمَّى الغلباء‏.‏ قال‏:‏

وأورثَنِي بنو الغَلباء مَجْداً *** حديثاً بعد مَجدِهمُ القديمِ

واغلولَبَ العُشْب‏:‏ بلَغَ كلَّ مَبلغ‏.‏ والمُغَلَّب من الشُّعراء‏:‏ المغلوب مِراراً‏.‏ والمُغَلَّب أيضاً‏:‏ الذي غَلب خَصْمَه أو قِرْنَه، كأنَّه غلَّب على خَصْمِه، أي جُعِلت له الغَلَبة‏.‏

‏(‏غلت‏)‏

الغين واللام والتاء فيه كلمة، يقولون‏:‏ الغَلَت في الحساب‏:‏ مثل الغَلَط في غيره‏.‏ وفي بعض الحديث‏:‏ ‏"‏لا غَلَت في الإسلام‏"‏‏.‏

‏(‏غلث‏)‏

الغين واللام والثاء أصلٌ صحيحٌ واحد، يدلُّ على الخَلْط والمُخالَطة‏.‏ من ذلك‏:‏ غَلَثْتُ الطّعامَ‏:‏ خلَطت حنطةً وشعيرا‏.‏ وهو الغَلِيث‏.‏ ورجل غَلِثٌ، إذا خالَطَ الأقرانَ في القِتال لَزُوماً لما طَلَب‏.‏ ويقال‏:‏ غَلِثَ به، إذا لزِمَه‏.‏ وغَلِثَ الذِّئبُ بالغَنم‏:‏ لازَمَها‏.‏

فأمَّا قولهم‏:‏ غَلثَ الزَّندُ، إذا لم يَرِ، فهو كلامٌ غير ملخَّص؛ وذلك أنَّ معناه أنّه زَندٌ منتخَب، وإنَّما هو خِلْطٌ من الزُّنُودِ، قد أُخِذَ من العُرْضِ مُخْتلِطاً بغيره‏.‏ يراد بالغَلَث خَشَبه، وإذا كان ‏[‏كذلك‏]‏ لم يَرِ‏.‏

‏(‏غلج‏)‏

الغين واللام والجيم كلمةٌ تدلُّ على البَغْي والسَّطْوة‏.‏ تقول العرب‏:‏ هو يَتَغَلَّجُ علينا، أي يبغِي‏.‏ وعَيْرٌ مِغْلَجٌ‏:‏ شَلاَّل للعانة‏.‏ ويكون تغلُّجُه أيضاً أن يَشربَ ويتلمَّظَ بلسانه‏.‏

‏(‏غلس‏)‏

الغين واللام والسين كلمةٌ واحدة، وهو الغَلَس، وذلك ظلامُ آخرِ اللَّيل‏.‏ يقال‏:‏ غَلَّسْنا، أي سِرنا غَلَسا‏.‏ قال الأخطل‏:‏

كذَبَتْكَ عينُكَ أم رأيتَ بواسطٍ *** غَلَسَ الظلامِ من الرَّبابِ خيالا

وقولهم‏:‏ وقع في تُغُلِّسَ، أي داهية، هو من هذا، لأنه يقع في أمرٍ مُظلم لا يَعرِف المخرجَ منه‏.‏

‏(‏غلط‏)‏

الغين واللام والطاء كلمةٌ واحدة، وهي الغَلط‏:‏ خلاف الإصابة‏.‏ يقال‏:‏ غَلِط يَغْلَط غَلَطاً‏.‏ وبينهم أُغلوطةٌ، أي شيءٌ يُغالِط به بعضُهم بعضاً‏.‏

‏(‏غلف‏)‏

الغين واللام والفاء كلمةٌ واحدةٌ صحيحة، تدلُّ على غِشاوةٍ وغِشيانِ شيء لشيء‏.‏ يقال‏:‏ غِلافُ السَّيفِ والسِّكِّين‏.‏ وقَلبٌ أغلَفُ‏:‏ كأنَّما أُغشِيَ غِلافاً فهو لا يَعي شيئاً‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ‏}‏

‏[‏البقرة 88‏]‏، أي أُغشِيَتْ شيئاً فهي لا تَعي‏.‏ وقرئت‏:‏‏{‏غُلُفٌ‏}‏، أي أوعيةٌ للعِلْم‏.‏ والقياس في ذلك كله واحد‏.‏ ويقولون‏:‏ تغَلَّف بالغالية، وليس ببعيدٍ ممّا ذكرناه‏.‏

‏(‏غلق‏)‏

الغين واللام والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على نُشوبِ شيءٍ في شيء‏.‏ من ذلك الغَلَق، يقال منه‏:‏ أغلقتُ البابَ فهو مُغْلَق‏.‏ وغَلِقَ الرهنُ في يدِ مُرْتَهِنِه، إذا لم يَفتكَّه‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ ‏"‏لا يَغْلَقُ الرَّهنُ‏"‏‏.‏ قال الفُقهاء‏:‏ هو أن يقول صاحب الرَّهْنِ لصاحب الدَّين‏:‏ آنَيتُك بحقِّك إلى وقت كذا، وإلاَّ فالرَّهنُ لك‏.‏ فنَهَى النبيُّ صلى الله عليه وآله عن ذلك الاشتراط‏.‏ وكلُّ شيء لم يُتَخَلَّصْ فقد غَلِق‏.‏ قال زُهير‏:‏

وفارقتْكَ برهنٍ لا فَكاكَ له *** يومَ الوَداعِ فأمسى الرَّهنُ قد غَلِقا

ويقال المِغْلَق‏:‏ السَّهم السابعُ في الميسِر، لأنَّه يَستغلِق شيئاً وإن قلَّ‏.‏ قال لبيد‏:‏

وجَزُورِ أيسارٍ دعوتُ لحتْفِها *** بمَغَالقٍ متشابهٍ أجسامُها

*ويقال‏:‏ غَلِقَ ظَهرُ البعير فلا يَبْرأُ من الدَّبَر‏.‏ ومنه غلِقَت النّخلةُ‏:‏ ذَوَت أصولُ سَعفِها فانقطَع حَمْلُها‏.‏ والله أعلم بالصّواب‏.‏

‏(‏باب الغين والميم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غمن‏)‏

الغين والميم والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها‏.‏ يقولون‏:‏ غمَنْتُ الجِلدَ، إذا ليَّنتَه، فهو غمينٌ‏.‏

‏(‏غمي‏)‏

الغين والميم والحرف المعتلّ يدلُّ على تغطيةٍ وتغْشِيَة‏.‏ من ذلك‏:‏ غَمَيْتُ البيتَ، إذا سقَّفتَه، والسَّقفُ غِماءٌ‏.‏ ومنه أُغمِيَ ‏[‏على‏]‏ المريض فهو مغمىً عليه إذا غُشِيَ عليه‏.‏

‏(‏غمج‏)‏

الغين والميم والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ ومجيء وذَهاب‏.‏ يقال للفصيل‏:‏ غَمِجٌ، وهو يتغامَجُ بين أرفاغ أمِّه، إذا جاءَ وذهَبَ‏.‏ ويقولون للرَّجُل لا يستقيم خُلُقه‏:‏ غَمِج‏.‏ والغَمْج‏:‏ شُرب الماء، وهو قريبُ القياسِ من الأوَّل‏.‏

‏(‏غمد‏)‏

الغين والميم والدال أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على تغطيةٍ وسَتْر‏.‏ من ذلك الغِمْدُ للسَّيف‏:‏ غِلافُهُ‏.‏ يقال‏:‏ غَمَدته أَغْمِدُه غَمداً‏.‏ ويقال‏:‏ تَغمَّده الله برحمته، كأنه يَغْمُرُه بها‏.‏ وتغمَّدتُ فلاناً‏:‏ جعلتَه تحتَك حتَّى تغطِّيَه‏.‏ والنَّسبة إلى غامدٍ غامديّ، وهو حيٌّ من اليَمَن، واشتقاقُهُ ممَّا ذكرناه‏.‏

‏(‏غمر‏)‏

الغين والميم والراء أصلٌ صحيح، يدلُّ على تغطيةٍ وسَتْرٍ في بعض الشِّدّة‏.‏ من ذلك الغمْر‏:‏ الماءُ الكثير، وسمّي بذلك لأنّه يغمرُ ما تَحتَه‏.‏ ثم يشتقُّ من ذلك فيقال فَرسٌ غَمْر‏:‏ كثير الجَرْي، شُبِّه جريُه في كثرته بالماء الغَمْر‏.‏ ويقال للرَّجُل المِعطاء‏:‏ غَمْر، وهو غَمْرُ الرِّداء‏.‏ قال كثيِّر‏:‏

غَمْرُ الرِّداءِ إذا تبسَّمَ ضاحكاً *** غَلِقتْ لِضَحْكتِهِ رِقابُ المالِ

ومن الباب‏:‏ الغَمْرة‏:‏ الانهماك في الباطل واللَّهو‏.‏ وسمِّيت غَمرةً لأنّها شيء يستُر الحقَّ عن عين صاحِبِها‏.‏ وغَمَرات الموت‏:‏ شدائدُه التي تَغْشَى‏.‏ وكلُّ شِدّةٍ غَمرة، سمِّيت لأنَّها تَغْشَى‏.‏ قال‏:‏

* الغمرات ثم ينجلينا *

ومما يصحِّح هذا القياسَ الغَمير، وهو نباتٌ أخضَرُ يغمُره اليَبِيس‏.‏ ويقال‏:‏ دخَلَ في غِمار النّاس، وهي زَحْمتُهم، وسمِّيت لأنَّ بعضاً يستُرُ بعضاً‏.‏ وفلانٌ مُغامِرٌ‏:‏ يَرمي بنفسه في الأمور، كأنَّه يقع في أُمورٍ تَستُره، فلا يَهتدِي لوجه المَخْلَص منها‏.‏ ومنه الغمْر، وهو الذي لم يجرّب الأمورَ كأنَّها سُتِرتْ عنه‏.‏ قال‏:‏

أناةً وحِلْماً وانتظاراً غداً بهمْ *** فما أنا بالواني ولا الضَّرَع الغُمْرِ

والغِمْر‏:‏ الحِقْد في الصَّدر، وسمِّي لأنَّ الصَّدرَ يَنطوِي عليه‏.‏ يقال‏:‏ غَمِرَ عليه

صدرُه‏.‏ والغِمْر‏:‏ العَطَش، وهو مشبَّه بالغِمْر الذي هو الحِقد، والجمع الأغمار‏.‏ قال‏:‏

* حَتَّى إذا ما بلَّتِ الأغمارا *

ومن الباب غَمَرُ اللحم، وهو رائحتُه تَبْقَى في اليد، كأنَّها تغطِّي اليد‏.‏ فأمَّا الغُمَر فهو القَدَح الصَّغير، وليس ببعيدٍ أن يكون من قياسِ الباب، كأنَّ الماءَ القليلَ يغمُره‏.‏ ويجوز أن يكون شاذَّاً عن ذلك الأصل‏.‏ قال‏:‏

تَكفِيهِ حُزَّة فِلْذٍ إن ألَمَّ بها *** من الشِّواءِ وَيُروِي شُربَه الغُمَرُ

‏(‏غمز‏)‏

الغين والميم والزاء أصلٌ صحيح، وهو كالنَّخْس في الشيء بشيء، ثم يُستعار‏.‏ من ذلك‏:‏ غَمَزْتُ الشَّيءَ بيدي غمزاً‏.‏ ثم يقال‏:‏ غمزَ، إذا عاب وذَكَر بغير الجميل‏.‏ والمَغَامز‏:‏ المعايب‏.‏ وفي عقل فلانٍ غَمِيزةٌ، كأنَّه يُستضعَف‏.‏ وممّا يستعار‏:‏ غَمَزَ بجفنه‏:‏ أشار‏.‏ ومنه‏:‏ غَمَزَ الدابةُ من رجله، كأنّه يغمز الأرضَ برجله‏.‏

‏(‏غمس‏)‏

الغين والميم والسين أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على غَطِّ الشيء‏.‏ يقال‏:‏ غَمَست الثَّوبَ واليدَ في الماء، إذا غططتَه فيه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إذا استيقَظَ أحدُكم من نومه فلا يَغمِسْ يَدَه في الإناء‏"‏‏.‏ والغَمِير تحتَ اليَبيس يقال له الغَمِيس‏.‏

ومن الباب الغَمِيس، وهو مَسيلٌ صغيرٌ بين مجامع الشَّجر‏.‏ والمُغامَسَة‏:‏ رَمْي الرّجلِ نفسَه في سِطَة الحرب‏.‏ ويمينٌ غَموس* قال قوم‏:‏ معناه أنّها تَغمِس صاحبَها في الإثم‏.‏ وقال قومٌ‏:‏ الغَمُوس‏:‏ النافذة‏.‏ والمعنيان وإن اختلفا فالقياسُ واحد، لأنّها إذا نفذت فقد انغمست‏.‏ قال‏:‏

ثم نفَّذته ونفَّست عنه *** بغَموسٍ أو ضربةٍ أُخدودِ

ويقال للأمر الشديد الذي يغُطّ الإنسانَ بشدّته‏:‏ غَموس‏.‏ قال‏:‏

متى تأتِنا أو تلقَنا في ديارنا *** تجدْ أمرَنا أمراً أحذَّ غَمُوسا

‏(‏غمص‏)‏

الغين والميم والصاد أُصَيلٌ يدلُّ على حقارة‏.‏ يقال غَمَصت الشيءَ، إذا احتقرته‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إِنّما ذلك مَنْ غَمَصَ النّاسَ ‏"‏، أي حَقَرَهم‏.‏ والغَمَصُ في العين كالرَّمَصِ‏.‏ ومنه‏:‏ الشِّعرَى الغُمَيْصَاء، كأنَّها ليس لها ضوء العَبُور، فهي الغُميصاء كالعين التي بها غَمَص‏.‏

‏(‏غمض‏)‏

الغين والميم والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تطامُنٍ في الشَّيء وتداخُل‏.‏ فالغَمْض‏:‏ ما تطامَنَ من الأرض، وجمعه غُموض‏.‏ ثم يقال‏:‏ غَمَض الشَّيءُ من العِلم وغيرِه، فهو غامض، ودارٌ غامضةٌ، إذا لم تكن شارعةًَ بارزة‏.‏

ونسبٌ غامضٌ‏:‏ لا يُعرَف‏.‏ وغمّض عينه وأغمَضَها بمعنىً‏.‏ وهو قياس الباب‏.‏ ويقال‏:‏ ما ذُقْتُ غُمْضاً من النَّوم ولا غَِماضاً، أي كقدر ما تُغمَض فيه العين‏.‏ ويقال‏:‏ أغْمِضْ لي فيما بِعتَني، كأنَّك تريدُ الزِّيادةَ منه لرداءته والحطَّ من ثمنه‏.‏ وهو أيضاً من إغماض العَين، أي اتركْه كأنَّك لا تراه‏.‏ والمغَمِّضات‏:‏ الذُّنوب يركبها الرَّجلُ وهو يَعرِفها لكنّه يغمّض عنها كأنّه لم يَرَها‏.‏ ويقال‏:‏ غُمِّضَت النّاقةُ، إذا رُدَّت عن الحَوض فحَمَلَت على الذَّائد مُغَمِّضة عينَينها فورَدَتْ‏.‏ قال أبو النجم‏:‏

* يُرسِلُها التَّغميضُ إن لم تُرسَلِ *

وأغْمَضْت حدَّ السَّيف، إذا رقّقته، أي كأنَّك لرقَّته أخفيتَه عن العُيون‏.‏

‏(‏غمط‏)‏

الغين والميم والطاء كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال غَمَطَ النِّعمة‏:‏ احتقرها‏.‏ وغَمَطَ النّاسَ‏:‏ احتقرهم‏.‏ فأمّا قولهم‏:‏ أغمَطَتْ عليه الحُمَّى، إذا لزِمَتْه ودامت عليه، فليس من هذا، لأنّ الميم فيه بدلٌ من باء، الأصل أغبَطَت‏.‏ وقد ذُكِر‏.‏

‏(‏غمق‏)‏

الغين والميم والقاف كلمةٌ واحدة، وهي الغَمَق‏:‏ كثْرة النَّدى‏.‏ يقال أرضٌ غَمِقَةٌ، ونباتٌ غمق‏.‏ وليلةٌ غَمِقَة‏:‏ لثِقة‏.‏

‏(‏غمل‏)‏

الغين والميم واللام أُصَيْلٌ يدلُّ على ضِيقٍ في الشيء وغُموض‏.‏ يقال لِمَا ضاقَ من الأودية‏:‏ غُمْلُول‏.‏ واشتُقَّ من هذا‏:‏ غَمَلْتُ الأدِيمَ، إذا غَمَمْتَه ليتفَسَّخَ عنه صوفُه‏.‏ وهو غَمِيلٌ‏.‏ ويقال‏:‏ الغُمْلُول‏:‏ كلُّ ما اجتَمَع من شجرٍ، أو غمام، أو ظُلْمة، حتَّى تسمَّى الزَّاوية غُملولا‏.‏ والله أعلم بالصَّواب‏.‏

‏(‏باب الغين والنون وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غنم‏)‏

الغين والنون والميم أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على إفادة شيء لم يُملَك من قبل، ثم يختصّ به ما أُخِذ من مال المشركين بقَهْرٍ وغَلَبة‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ‏}‏ ‏[‏الأنفال 41‏]‏‏.‏ ويقولون‏:‏ غُنَامَاكَ أنْ تفعل كذا، أي غايتُك والأمر الذي تتغنَّمه‏.‏ وغَنْمٌ‏:‏ قبيلة‏.‏ ولعلَّ اشتقاقَ الغَنَم من هذا، وليس ببعيد‏.‏

‏(‏غني‏)‏

الغين والنون والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على الكِفاية، والآخر صوت‏.‏

فالأوّل الغِنى في المال‏.‏ يقال‏:‏ غَنِيَ يَغْنَى غِنىً‏.‏ والغَنَاء بفتح الغَين مع المدّ‏:‏ الكِفَاية‏.‏ يقال‏:‏ لا يُغْنِي فلانٌ غَنَاءَ فلانٍ، أي لا يَكفِي كِفايَتَه‏.‏ وغَنِيَ عن كذا فهو غانٍ‏.‏ وغَنِيَ القومُ في دارهم‏:‏ أقاموا، كأنَّهُم اسْتَغْنُوا بها‏.‏ ومَغَانيهم‏:‏ مَنازِلُهم‏.‏ والغانية‏:‏ المرأة‏.‏ قال قومٌ‏:‏ معناه أنها استغنَتْ بمنزلِ أبويها‏.‏ وقال آخرون‏:‏ استغنَتْ ببعلها‏.‏ ويقال استَغْنَتْ بجمالها عن لُبْسِ الحلْي‏.‏ قال الأعشى‏:‏

ولكنْ لا يَصِيد إذا رماها *** ولا تُصْطادُ غانيةٌ كَنُودُ

والغُنْيَان‏:‏ الغِنَى‏.‏ قال قيس‏:‏

أجَدَّ بعَمْرَة غُنيانُها *** فتَهْجُرَ أم شانُنا شَانُها

ويقال‏:‏ تَغنَّيْتُ بكذا، وتغَانيتُ به، إذا أنت استغنيت به‏.‏ قال الأعشى‏:‏

وكنت امرأً زَمَناً* بالعِراقِ *** عَفِيف المُنَاخِ طويل التغَنّْ

وقال في التَّغاني‏:‏

كلانا غنِيٌّ عن أخيه حَيَاتَهُ *** ونحنُ إذا مُِتْنا أشدُّ تَغَانِيا

والأصل الآخر‏:‏ الغِناء من الصَّواب‏.‏ والأُغْنيَة‏:‏ اللون من الغِنَاء‏.‏

‏(‏غنج‏)‏

الغين والنون والجيم كلمةٌ واحدة، الغُنْج، وهو الشِّكل والدَّلُّ‏.‏

‏(‏غنظ‏)‏

الغين والنون والظَّاء كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال‏:‏ إنّ الغَنْظَ‏:‏ الهمُّ اللازم‏.‏ غَنَظَه الأمرُ يَغْنِظه‏.‏ قال‏:‏

ولقد رأيتَ فوارساً من قومنا *** غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرَادةِ العَيَّارِ

ولقد رأيت مكانهم فكرهتهم *** ككرهة الخنزير للإيغار

‏(‏باب الغين والهاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غهب‏)‏

الغين والهاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على ظَلامٍ وقِلّة ضياء، ثم يُستعار‏.‏ فالغَيْهَب‏:‏ الظُّلمة‏.‏ يقال للأدهم من الخَيل الشَّديد الدُّهمة‏:‏ غَيْهَب‏.‏ ويستعار هذا فيقال للغَفْلة عن الشَّيء‏:‏ غَهَبٌ‏.‏ يقال‏:‏ غَهِبَ عنه، إذا غَفَل‏.‏‏

‏(‏باب الغين والواو وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غوي‏)‏

الغين والواو والحرف المعتلّ بعدهما أصلانِ‏:‏ أحدهما يدلُّ على خِلاف الرُّشد وإظلام الأَمْر، والآخرُ على فسادٍ في شيء‏.‏

فالأوَّل الغَيّ، وهو خلاف الرُّشد، والجَهلُ بالأمر، والانهماكُ في الباطل‏.‏ يقال غَوى يَغْوي غَيَّاً‏.‏ قال‏:‏

فمن يَلْقَ خَيراً يَحمَدِ النّاسُ أمرَه *** ومَن يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائما

وذلك عندنا مشتقٌّ من الغَيَاية، وهي الغُبْرة والظلمةُ تَغشيان، كأنَّ ذا الغَيِّ قد غَشِيه ما لا يرى معه سبيلَ حقّ‏.‏ ويقال‏:‏ تغايَا القومُ فوق رأس فلانٍ بالسُّيوف، كأنَّهم أظلّوه بها‏.‏ ويقال‏:‏ وقَعَ القوم في أُغْوِيّة، أي داهية وأمرٍ مظلم‏.‏ والتَّغاوي‏:‏ التجمُّع، ولا يكون ذلك في سبيلِ رُشْدٍ‏.‏ والمُغَوَّاة‏:‏ حُفرةُ الصَّائد، والجمع مُغَوَّيات‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏يحبّون أن يكونوا مُغَوَّياتٍ ‏"‏، يراد أنَّهم يحتّجِنون الأموال، كالصَّائد الذي يَصيد‏.‏

فأمَّا الغَايَة فهي الرَّاية، وسمِّيت بذلك لأنّها تُظِلُّ مَن تحتَها‏.‏ قال‏:‏

قد بِتُّ سامِرَها وغايَةِ تاجرٍ *** وافيتُ إِذْ رُفِعَت وعَزَّ مُدامُها

ثم سميِّت نهايةُ الشَّيء غايةً‏.‏ وهذا من المحمول على غيرِه، إِنِّما سميت غايةً بغاية الحرب، وهي الرّاية، لأنَّه يُنْتَهَى إليها كما يَرجِع القومُ إلى رايَتِهم في الحرب‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ قولهم‏:‏ غَوِيَ الفَصيلُ، إذا أكثر من شُربِ اللّبَن ففَسَد جوفُه‏.‏ والمصدر الغَوَى‏.‏ قال‏:‏

مُعطَّفةُ الأثناء ليس فصيلُها *** بَرازِئِها دَرّاً ولا ميِّتٍ غَوَى

‏(‏غوث‏)‏

الغين والواو والثاء كلمةٌ واحدة، وهي الغوث من الإغاثة، وهي الإغاثة والنُّصرة عند الشِّدة‏.‏ وغَوْثٌ‏:‏ قبيلة‏.‏

‏(‏غوج‏)‏

الغين والواو والجيم كلمةٌ واحدة، وهي الفَرَس الغَوج‏.‏ إذا كان عريضَ الصَّدر‏.‏ وربَّما سمَّوا كلَّ ليِّنٍ غَوْجاً‏.‏

‏(‏غور‏)‏

الغين والواو والراء أصلانِ صحيحان‏:‏ أحدهما خُفوضٌ في الشَّيء وانحطاطٌ وتطامن، والأصل الآخر إقدامٌ على أخذِ مالٍ قَهْراً أو حَرَباً‏.‏

فالأوَّل قولهم لقَعْر الشيء‏:‏ غَوره‏.‏ ويقال‏:‏ غَارَ الماءُ غَوْراً، وغارت عينُه غُؤوراً‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً‏}‏ ‏[‏الملك 30‏]‏‏.‏ ويقال‏:‏ غارَت الشَّمْسُ غِياراً‏:‏ غابت‏.‏ قال الهُذَلِيّ‏:‏

هل الدّهْرُ إِلاَّ ليلةٌ ونَهَارُها *** وإلاّ طُلوع الشَّمس ثمَّ غِيَارُها

والغَوْر‏:‏ تِهَامَةُ وما يلي اليَمن، سمِّيت بذلك لأنَّها خِلافُ النَّجْد‏.‏ والنَّجْد‏:‏ مرتَفِعٌ من الأرض‏.‏ يقال‏:‏ غَارَ الرّجُل، إذا أتَى الغَوْر، وأغار‏.‏ قال‏:‏

نبيٌّ يرَى ما لا تَرَوْنَ وذكرُه *** أغارَ لَعَمْري في البلادِ وأنْجَدَا

وغَوّر الرّجُل، إذا نزَلَ للقائلة، كأنَّه ‏[‏نزل‏]‏ مكاناً هابطاً‏.‏ ولا يكادون يفعلون إلاّ كذا‏.‏ وغَوْرُ القُرْحَةِ من هذا أيضاً‏.‏

والأصل الآخَر الإغارة‏.‏ يقال‏:‏ أَغارَ بنو فلانٍ على بني فلان إغارةً وغارة‏.‏ وإغارة الثَّعلب‏:‏ عَدْوه‏.‏ وهو *من هذا أيضاً‏.‏

‏(‏غوص‏)‏

الغين والواو والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هجومٍ على أمرٍ متسفِّلٍ من ذلك الغَوْص‏:‏ الدُّخول تحتَ الماء‏.‏ ‏[‏والهاجم ‏]‏ على الشيء غائص‏.‏ وغاصَ على العلمِ الغامِضِ حتى استنبطه‏.‏

‏(‏غوط‏)‏

الغين والواو والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اطمئنانٍ وغَور‏.‏ من ذلك الغائط‏:‏ المطمئِنُّ من الأرض، والجمع غِيطان وأغواط‏.‏ وغُوطَة دِمَشْقَ يقالُ إنها مِن هذا، كأنها أرضٌ منخفضة‏.‏ وربما قالوا‏:‏ انغاطَ العُودُ، إذا تثَنَّى، وإذا تثنى فقد انخفَضَ، وقياسُه صحيح‏.‏

‏(‏غول‏)‏

الغين والواو واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على خَتْل وأخْذٍ من حيث لا يدري‏.‏ يقال‏:‏ غالَهُ يَغُوله‏:‏ أخَذَهُ من حيث لم يدرِ‏.‏ قالوا‏:‏ والغَوْل‏:‏ بُعْدُ المَفَازَة، لأنَّه يغتالُ من مَرَّ به‏.‏ قال‏:‏

* به تمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ *

والغُول من السَّعالي سمِّيت لأنها تغتال‏.‏ والغِيلة‏:‏ الاغتيال، والياء واوٌ في الأصل‏.‏ والمِغْوَل‏:‏ سيفٌ دقيق له قَفَاً؛ وأظنه سمِّي مِغْوَلاً لأنَّهُ يُسْتَرُ بقرابٍ حتى لا يُدرى ما فيه‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏غود‏)‏

الغين والواو والدال أُصَيلٌ يدلُّ على لينِ شيءٍ وتثنٍّ‏.‏ فالأغْيَد‏:‏ الوَسنانُ المائل العُنُق، والجمع غِيدٌ‏.‏ والغَيْداء‏:‏ الفتاةُ النَّاعمة، كأنَّها تتثنَّى‏.‏ والمصدر الغَيَد‏.‏

‏(‏باب الغين والياء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غيب‏)‏

الغين والياء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على تستُّر الشيء عن العُيون، ثم يقاس‏.‏ من ذلك الغَيْب‏:‏ ما غَابَ، ممّا لا يعلمه إلا الله‏.‏ ويقال‏:‏ غابت الشَّمس تَغِيب غَيْبَةً وغُيُوباً وغَيْباً‏.‏ وغابَ الرَّجل عن بلده‏.‏ وأغابَتِ المرأةُ فهي مُغِيبةٌ، إذا غابَ بعلُها‏.‏ ووقَعْنا في غَيْبَةٍ وغَيَابة، أي هَبْطة من الأرض يُغابُ فيها‏.‏ قال الله تعالى في قصة يُوسُفَ عليه السَّلام‏:‏ ‏{‏وَأَلْقُوهُ في غَيَابَةِ الجُبِّ‏}‏ ‏[‏يوسف 10‏]‏‏.‏ والغَابة‏:‏ الأجَمة، والجمع غاباتٌ وغابٌ‏.‏ وسمِّيت لأنّه يُغاب فيها‏.‏ والغِيبة‏:‏ الوَقيعة في النّاس من هذا، لأنَّها لا تقال إلاّ في غَيْبَة‏.‏

‏(‏غيث‏)‏

الغين والياء والثاء أصلٌ صحيح، وهو الحَيَا النّازِلُ من السَّماء‏.‏ يقال‏:‏ جادَنا غيثٌ، وهذه أرضٌ مَغِيثَةٌ ومغيوثة‏.‏ وغِثْنا، أي أصابنا الغَيْث، قال ذو الرُّمَّة‏:‏ ‏"‏ما رأيتُ أفصَحَ مِن أَمَةِ آل فلان، قلتُ لها‏:‏ كيف كان المطر عندكم‏؟‏ قالت‏:‏ غِثْنا ما شِينا‏"‏‏.‏

‏(‏غير‏)‏

الغين والياء والراء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على صلاحٍ وإصلاحٍ ومنفعة، والآخر على اختلافِ شيئين‏.‏

فالأوَّل الغِِيرَة، وهي الميرَة بها صلاحُ العِيال‏.‏ يقال‏:‏ غِرْتُ أهلي غِيرَةً وغِياراً، أي مِرْتُهُم‏.‏ وغَارَهم الله تعالى بالغيث يَغِيرهم ويَغُورهم، أي أصلَح شأنَهم ونَفَعهم‏.‏ ويقال‏:‏ ما يَغِيرك كذا، أي ما ينفعُك‏.‏ قال‏:‏

ماذا يَغِيرُ ابنتَيْ رِبْعٍ عَويلُهُمَا *** لا تَرقُدانِ ولا بُؤُسَى لمَنْ رَقدا

ومن هذا الباب الغَيْرة‏:‏ غَيرةُ الرَّجُل على أهله‏.‏ تقول‏:‏ غِرْتُ على أهلي غَيْرَةً‏.‏ وهذا عندنا من الباب؛ لأنَّها صلاح ومنفعة‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ قولُنا‏:‏ هذا الشَّيءُ غيرُ ذاك، أي هو سِواه وخلافه‏.‏ ومن الباب‏:‏ الاستثناءُ بغَير، تقول‏:‏ عَشرة غير واحدٍ، ليس هو من العَشَرة‏.‏ ومنه قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏صِراطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَليْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ‏}‏

‏[‏الفاتحة 7‏]‏‏.‏

فأمَّا الدِّيَة فإنَّها تسمَّى الغِيرَ‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لرجلٍ طَلَبَ القَوَدَ بوليٍّ لـه قُتِلَ‏:‏ ‏"‏ألاَ الغِيرَ ‏"‏ يريد‏:‏ ألاَ تَقبلُ الغِير‏.‏ فهذا محتملٌ أنْ يكون من الأوّل، لأنَّ في الدِّيةِ صلاحاً للقاتل وبقاءً لـه ولِدَمِه‏.‏ ويحتمل أنْ يكون من الأصل الثَّاني، لأنَّه قَوَد فَغيِّر إلى الدِّية، أي أُخِذَ غيرُ القَوَد، أي سِواه‏.‏ قال في الغِيَر‏:‏

لَنَجْدَعَنَّ بأيدينا أُنوفَكُم *** بَنِي أُمَيْمَةَ إن لم تَقبلُوا الغِيَرا

‏(‏غيس‏)‏

الغين والياء والسين، يقولون‏:‏ إنَّ غَيْسانَ الشّبَاب‏:‏ حِدَّتُه وعُنفوانُه‏.‏

‏(‏غيض‏)‏

الغين والياء والضاد أُصَيلٌ يدلُّ على نُقصانٍ في شيء، وغموضٍ وقلّة‏.‏ يقال غاضَ الماءُ يَغِيض‏:‏ خلافُ فاضَ‏.‏ وغِيضَ، إذا نَقَصَهُ غيرُه‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَغِيضَ الماءُ‏}‏ ‏[‏هود 44‏]‏‏.‏

وأمَّا الغُموضُ فالغَيْضَة‏:‏ الأَجَمة، سمِّيت لغُموضِها، ولأنَّ السَّائرَ فيها لا يكاد يُرَى‏.‏

‏(‏غيظ‏)‏

الغين والياء والظاء أُصَيلٌ فيه كلمةٌ واحدة، يدلُّ على كَرْبٍ يلحقُ الإنسانَ مِن غيره‏.‏ يقال‏:‏ غاظَني يَغِيظُني‏.‏ وقد غِظْتَني يا هذا‏.‏ ورجلٌ غائظ وغَيَّاظ‏.‏ قال‏:‏

سُمِّيتَ غيَّاظاً ولستَ بغائظٍ *** عَدُوّاً ولكنَّ الصَّديقَ تَغيظُ

‏(‏غيف‏)‏

الغين والياء والفاء أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على مَيْل ومَيَل وعُدُولٍ عن الشَّيء‏.‏ من ذلك تَغَيَّفَ، إذا تَمَيَّل‏.‏ وتغَيَّفت الشّجرةُ بأغصانِها يميناً وشمالاً‏.‏ ومن الباب‏:‏ غَيَّفَ الرَّجلُ، إذا جبن فمالَ عن نَهْج القِتال‏.‏ قال القُطَاميّ‏:‏

* فيغيِّفون ونَرْجِعُ السَّرَعانا *

‏(‏غيق‏)‏

الغين والياء والقاف كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولون‏:‏ غَيَّق في رأيه تغييقاً‏:‏ اختلط فيه‏.‏

‏(‏غيل‏)‏

الغين والياء واللام أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على اجتماعٍ، والآخَر نوع‏.‏ من الإرضاع‏.‏

فالأوَّل الغِيل‏:‏ الشجر المجتمِع الملتفّ‏.‏ وما يبعُد أن يكون أصلُ هذا الواو ويعودَ إلى غالَه يَغُوله، والغيْل‏:‏ السَّاعد الرَّيَّان الممتلِئ‏.‏ قال‏:‏

* بيضاءُ ذاتُ ساعدَيْنِ غَيلَيْن *

ومن الباب‏:‏ الغَيْل‏:‏ الماء الجارِي‏.‏

والأصل الآخَر‏:‏ أنْ يُجامِعَ الرَّجُل امرأتَه وهي مُرْضِع، وهي الغِيلَة‏.‏

وفي الحديث‏:‏ ‏"‏لقد هممتُ أن أنْهى عن الغِيلة‏"‏‏.‏ قال‏:‏

فمِثْلُكِ حُبلَى قد طرَقْتُ ومرضِعٍ *** فألهيتُها عن ذي تَمائم مُغْيِلِ

‏(‏غيم‏)‏

الغين والياء والميم كلمةٌ تدلُّ على سَتْر شيءٍ لشيء‏.‏ من ذلك‏:‏ الغيم، وهو معروف‏.‏ يقال‏:‏ غامَت السَّماء، وتغيَّمت، وأغامَت‏.‏

ومن الباب‏:‏ الغَيْم، وهو العَطَش وحرارةُ الجَوْف، لأنَّه شيءٌ يَغْشَى القَلْبُ‏.‏

‏(‏غين‏)‏

الغين والياء والنون قريبٌ من الذي قبلَه‏.‏ فالغَيْن‏:‏ الغَيْم‏.‏ قال‏:‏

كأنِّي بين خافِيَتَيْ عُقابٍ *** أصابَ حمامةً في يوم غَيْنِ

والغَيْن‏:‏ العَطَش‏.‏ ويقال‏:‏ غِينَ على قلْبه، كأنَّ شيئاً غشِيَه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إنَّهُ ليُغانُ على قلبي‏"‏‏.‏ ومن الباب‏:‏ شجرةٌ غَيْناء، وهي الكثيرة الورَق الملتفَّةُ الأغصان، والجمع غِينٌ‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ الغَيْنة‏:‏ الرَّوضة‏.‏ والقياس في ذلك كلِّه واحد‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الغين والألف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غار‏)‏

الغين والألف والراء‏.‏ والألف في هذا الباب لا تكون إلا مبدلةً‏.‏ فالغار‏:‏ نباتٌ طيِّب‏.‏ قال‏:‏‏

تَقْضَمُ الهِنديَّ والغارا *** رُبَّ نارٍ بتُّ أرمُقُها‏

والغار‏:‏ لغةٌ في الغَيْرة، وقد مرَّ تفسيرُها‏.‏ قال‏:‏‏

ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحَشَ غارُها *** لهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشِيل كأنَّها‏

والغارُ‏:‏ الجيش العظيم‏.‏ ومن ذلك حديثُ عليٍّ عليه السلام‏:‏ ‏"‏ما ظنك بامرئٍ جَمعَ بين هذين الغارَيْن‏"‏‏.‏ والغار‏:‏ غار الفَمِ‏.‏ والغار‏:‏ أصلُ الرَّجُل وقبيلته‏.‏ والغار‏:‏ الكهْفُ‏.‏ وقد مضى قياسُ ذلك كلِّه‏.‏ والله أعلم‏.‏‏

‏(‏باب الغين والباء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غبر‏)‏

الغين والباء والراء أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدل على البقاء، والآخرُ على لونٍ من الألوان‏.‏

فالأوَّل غَبَر، إذا بَقِيَ‏.‏ قال الله تعالى ‏{‏إلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ‏}‏ ‏[‏العنكبوت 33‏]‏، ويقال بالناقة غُبْر، أي بقيَّة‏.‏ وبِهِ غُبَّرٌ من مرض، أي بقِيَّة‏.‏ قال ابن مُقبِلٍ أو غيرُه‏:‏

فإن سألَتْ عنِّي سُليمَى فقلْ لها *** به غُبَّرٌ من دائه وهو صالحُ

ومن الباب‏:‏ عِرْقٌ غَبِر، أي لا يزال ينتقض، كأنَّ به أبداً غُبَّراً‏.‏ وتغبَّرَت المرأةُ الشَّيْخَ‏:‏ أخذَتْ بقيَّةَ مائه‏.‏

والأصل الآخر* الغُبار سمِّي لغُبْرته‏.‏ وهي لونُه‏.‏ والأغْبر‏:‏ كل لونٍ لونُ غُبَار‏.‏وقول طرفة‏:‏

رأيتُ بنِي غَبْراء لا يُنكرِونني *** ولا أهلُ هذاكَ الطِّرافِ الممدَّدِ

فبَنِي غَبراءِ هم المَحَاوِيجُ الفُقَراء، وذلك أنَّهم مغبَّرةٌ ألوانُهم، وهم أهلُ المَتْرَبَة‏.‏ والغَبْراء‏:‏ الأرض‏.‏ والغُبَيراء‏:‏ نبيذ الذُّرَة، ولعلَّ في لونه غُبْرة‏.‏

فأمّا داهيةُ الغَبَر، فهو عندي من هذا الباب، ويراد أنَّها غبراءُ، أي مُظْلِمة مشبِّهة لا يُرَى وَجْهُ المأتَى لها‏.‏

ومما شذَّ عن هذين الأصلين ما حكاهُ ابن السكيت‏:‏ أغْبَرْتُ في طلَب الحاجة‏:‏ جَدَدْتُ‏.‏

‏(‏غبس‏)‏

الغين والباء والسين كلمةٌ تدلُّ على لونٍ من الألوان‏.‏ قالوا‏:‏ الغُبْسَة‏:‏ لونٌ كلون الرَّماد‏.‏ ويقال فرسٌ أَغْبَسُ‏.‏ قال بعضهم‏:‏ هو الذي يقال له‏:‏ ‏"‏سَمَنْد ‏"‏‏.‏ فأمَّا قولُهم‏:‏ ‏"‏لا أفْعَله ما غَبَا غُبَيْسٌ‏"‏ فهو الدَّهر‏.‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ ما أدرِي ما أصْلُه‏.‏

‏(‏غبش‏)‏

الغين والباء والشين كلمةٌ تدلُّ على ظُلْمةٍ وإظلام‏.‏ من ذلك الغَبَش‏:‏ شدَّة الظُّلمة‏.‏ وأَغْباشُ اللَّيل ظُلَمه‏.‏ قال ذو الرُّمَّة‏:‏

أغْبَاشَ ليلِ تَمَامٍ كانَ طارَقَه *** تَطَخْطُخُ الغَيمِ حتَّى ما لَه جُوبُ

قال أبو عبيد‏:‏ الغَبَش‏:‏ البقيّة من اللَّيْل، وجمعه أغباش‏.‏

‏(‏غبط‏)‏

الغين والباء والطاء أصلٌ صحيحٌ له ثلاثة وجوه‏:‏ أحدها دوامُ الشيء ولزومُه، ‏[‏والآخَر الجَسُّ‏]‏، والآخِر نوعٌ من الحَسَد‏.‏

فالأوّل قولهم‏:‏ أغْبَطَتْ عليه الحُمَّى، أي دامَت‏.‏ وأغبَطْتُ الرَّحْلَ على ظَهر البَعِيرِ، إذا أدمْتَه عليه ولم تَحُطَّه عنه‏.‏ ولذلك سُمِّي الرَّحْل غَبيطاً، والجمع غُبُط‏.‏ قال الحارثُ بن وَعْلة‏:‏

أم هل تركتَ نساء الحيِّ ضاحيَةً *** في قاعة الدَّارِ يستوقدن بالغُبُطِ

ومن هذا الغِبْطة‏:‏ حُسْن الحالِ ودوامُ المَسَرَّة والخَيْر‏.‏

والأصل الآخر الغَبْط، يقال‏:‏ غبَطْتُ الشَّاةَ، إذا جسستَها بيدك تنظر بها سِمَنٌ‏.‏ قال‏:‏

إنِّي وأَتْيي بُجَيْرَاً حينَ أسألُه *** كالغابِطِ الكلبَ يرجو الطِّرْق في الذَّنَبِ

ومن هذا الباب‏:‏ الغَبِيط‏:‏ أرضٌ مطمئنّة، كأنّها غُبِطَتْ حتى اطمأنَّت‏.‏

والثالث الغَبْط، وهو حَسَدٌ يقال إنَّه غيرُ مذموم، لأنَّه يَتمنَّى ولا يُريد زوالَ النِّعمة من غيره، والحَسَدُ بخلاف هذا‏.‏ وفي الدعاء‏.‏ ‏"‏اللهمَّ غَبْطاً لا هَبْطاً‏"‏، ومعناه اللهمَّ ‏[‏نَسْأَلُك أن‏]‏ نُغبَط ولا نهْبَطَ، أي لا نُحَطّ‏.‏

‏(‏غبق‏)‏

الغين والباء والقاف كلمةٌ واحدة، وهي الغَبُوق‏:‏ شُرب العشيّ‏.‏ يقال‏:‏ غَبَقْتُ القوْمَ غَبْقاً، واغْتَبَق اغتباقاً‏.‏

‏(‏غبن‏)‏

الغين والباء والنون كلمةٌ تدُلُّ على ضَعفٍ واهتضام‏.‏ يقال غُبِنَ الرّجُل في بَيعه، فهو يُغْبَنُ غَبْناً، وذلك إذا اهتُضم فيه‏.‏ وغَبنَ في رأيه، وذلك إذا ضَعُف رأيُه‏.‏ والقياسُ في الكلمتين واحد‏.‏ والغَبِينة من الغَبْن كالشَّتيمة من الشَّتم‏.‏ والمَغَابِن‏:‏ الأرفاغ، سمِّيَتْ بذلك للينها وضَعْفها عن قوّةِ غيرها‏.‏

‏(‏غبي‏)‏

الغين والباء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على تستُّرِ شيء حتى لا يُهتدَى لـه‏.‏ من ذلك الغبْية وهي الزُّبْية، وسمِّيت لأنَّ المَصِيدَ جهِلَها حتى وقَعَ فيها‏.‏ ومنه‏:‏ غَبِيَ فلان غَباوةً، إذا كان قليلَ الفِطْنَةِ، وهو غَبِيٌّ‏.‏ وغَبِيتُ عن الخَبَر، إذا جهلتَه‏.‏ ويقال‏:‏ جاءت غَبْيَة من مَطَر، وذلك إذا جاءت بظُلْمَةٍ واشتدادٍ وتكاثُفٍ‏.‏

‏(‏غبث‏)‏

الغين والباء والثاء ليس بشيء‏.‏ وذكروا عن الفَرّاء أنَّه قال‏:‏ غَبَثَت الأقط مثل عَبَثْته‏.‏

‏(‏باب الغين والتاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غتم‏)‏

الغين والتاء والميم أصلٌ يدلُّ على انفلاقٍ في الشيء وانسداد‏.‏ من ذلك الغُتْمة، وهي العُجْمة في المَنْطِق‏.‏ ويقال للأخْذ بالنَّفْس‏:‏ الغَتْم‏.‏ ويقال للرَّجُل إذا مات‏:‏ ‏"‏ورَدَ حِياضَ غُتَيم‏"‏، وهو ذلك القياسُ لأنَّه يأتي بيتاً مسدوداً‏.‏‏

‏(‏باب الغين والثاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏غثر‏)‏

الغين والثاء والراء أُصيلٌ يدلُّ على تجمُّع من ناسٍ غير كرام‏.‏ يقولون‏:‏ الغَثْرَاء‏:‏ سَفِلَة النّاس، وجماعتُهم* غَيْثَرة؛ وأصله من الأغثَر، وهو الطُّحْلُـَب المجتمع‏.‏ والأغْثَر من الأكسية‏:‏ ما كثُر صُوفُه‏.‏‏

‏(‏غثم‏)‏

الغين والثاء والميم كلمتانِ متباينتانِ‏.‏ فالأغثم من الشَّعَْر‏:‏ ما غَلبَ بياضُه سوادَه‏.‏ قال‏:‏‏

* إمّا تَرَيْ دهراً عَلاَني أغْثَمُهْ *‏

والكلمة الأخرى‏:‏ غَثَمْتُ له من مالي‏:‏ أعطيتُه‏.‏‏

‏(‏غثي‏)‏

الغين والثاء والحرف المعتل كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعِ شيء دَنِيٍّ فوق شيء‏.‏ من ذلك الغُثَاء‏:‏ غُثَاء السَّيْل‏.‏ يقال‏:‏ غثا الوادِي يغثو، وأغثى يُغْثِي أيضاً‏.‏ قال‏:‏‏

من السَّيْل والإغْثَاءِ فَِلْكَةُ مِغْزَلِ *** كأنَّ طَمِيَّةَ المُجَيْمِرِ غُدْوَةً‏

ويروى‏:‏ ‏"‏والغُثَّاء‏"‏‏.‏ ويقال لسَفِلة الناس‏:‏ الغُثَاء، تشبيهاً بالذي ذكرناه‏.‏ ومن الباب‏:‏ غَثَتْ نَفسُه تَغْثِي، كأنَّهَا جاشت بشيء مؤذٍ‏.‏‏